بين أب وابنته
يَا زَهرَةَ العُمرِ يَا سَعدِي وَيَا كَبِدِي
وَيَا حَبِيبَةَ قَلبِي يَا صَفَا المدَدِ
وَيَا رَفِيعَةَ شَأنٍ مَا لَهَا مَثَلٌ
يَكَادُ يَرشُقُهَا الحُسَّادُ بِالحَسَدِ
لِأَنَّ وَالِدَهَا أَمسَى بِهَا فَرِحًا
كَأَنَّهُ مَا رَأَى مِن قَبلُ مِن أَحَدِ
هِيَ الَّتِي تُذهِبُ الأَحزَانَ فِي كَلِمٍ
تُزِيلُ عَنِّي صُنُوفَ الغَمِّ وَالكَمَدِ
تَقُولُ: يَا أَبَتِي، لَا تَحزَنَنْ أَبَدًا
وَدُم بِخَيرٍ وَإِيمَانٍ إِلَى أَبَدِ
هَذِي الدُّنَى يَا أَبِي تَفنَى عَلَى عَجَلٍ
فَخَلِّهَا سَرمَدًا وَاقصِد إِلَى الأَحَدِ
أَرجُوكَ يَا وَالِدِي تَعمِيرَ آخِرَةٍ
فِيهَا الحَيَاةُ وَدُنيَا الذُّلِّ فَلتَذُدِ
إِنَّ الدُّنَى لِجَمِيعِ الخَلقِ مُشتَرَكٌ
لَكِنَّ الاخرَى لِذِي الإِحسَانِ والسَّدَدِ
فَلْتَتَّقِ اللَّهَ يَحفَظنَا بِلَا رِيَبٍ
فَاللهُ يَحفَظُ مَن يَخشَاهُ فِي الوَلَدِ
تَاللهِ لَسنَا نُرِيدُ العَيشَ فِي رَغَدٍ
وَفِي القِيَامَةِ يَخلُو العَيشُ مِن رَغَدِ
يَكفِي القَلِيلُ فَدُنيَا الهُونِ زَائِلَةٌ
وَاللهُ ذُو العَرشِ كَافٍ مَن هَدَى وَهُدِي
بُنَيَّتِي قُرَّتِي، شُكرًا عَلَى جُمَلٍ
تَشِعُّ نُورًا مِنَ الأَعمَاقِ وَالجَسَدِ
جَزَاكِ رَبُّ العُلَا وَالفَضلِ مَكرُمَةً
وَجَادَ مِن جُودِهِ جُودًا بِلَا أَمَدِ
أَمَّا أَنَا - يَا ابنَتِي - أُوصِيكِ فِي حِكَمٍ
فَهَاكِهَا وَإِلَهُ العَرشِ مُعتَمَدِي:
كِتَابُ رَبِّكِ دُستُورٌ وَمَوعِظَةٌ
فَلْتَحفَظِي آيَهُ تُهدَيْ إِلَى الرَّشَدِ
وَسُنَّةُ المُصطَفَى الهَادِي بِهَا دُرَرٌ
هُمَا سَبِيلُ هُدَى مَولَاكِ فَاعتَمِدِي
نِسَا نَبِيِّ الهُدَى سَارُوا لَكُنَّ أُسًى
فَلْتَقتَدِي تَبلُغِي حَقًّا رِضَا الصَّمَدِ
حِجَابُهُنَّ عَنِ الأَنظَارِ مُفتَرَضٌ
فَلَا تَزِيغِي وَعَن قَولِ الرَّدَى الْتَحِدِي
تَحَجَّبِي بِحِجَابٍ مَا بِهِ زِيَنٌ
كَعَائِشٍ مَفخَرِ النِّسوَانِ لِلأَبَدِ
وَزَينَبٌ، رَملَةٌ، هِندٌ، جُوَيرِيَةٌ
خَدِيجَةٌ، حَفصَةُ الفَارُوقِ وَالأَسَدِ
صَفِيَّةٌ، سَودَةٌ، مَيمُونَةٌ قِمَمٌ
مَحَاسِنُ القَومِ قَد فَاقَت عَلَى العَدَدِ
وَلْتَحذَرِي فُجرَ مَن يَدعُو لِفَاحِشَةٍ
فَالعُريُ قَد شَاعَ فِي قَومِي وَفِي بَلَدِي
وَاستَمسِكِي بِالهُدَى دَومًا بِلَا شَطَطٍ
وَلْتَطلُبِي عِلمَ دِينِ اللهِ وَاجتَهِدِي
صِرَاطُ رَبِكِ كُونِي فِيهِ سَائِرَةً
عَقِيدَةَ السَّلَفِ الأَبرَارِ فَاعتَقِدِي
سِيرِي كَمَا سَارَ أَسلَافِي عَلَى عَجَلٍ
فَهْوَ النَّجَاةُ وَذَاكُم أَمتَنُ العُدَدِ
أَرجُوكَ رَبَّ الوَرَى سُكنَى الجِنَانٍ غَدًا
أَصلِح لَنَا حَالَنَا فِي آنِنَا وَغَدِ.
|